هل سيعود عصر التأميم والشيوعية من جديد؟؟
عرضت قناة الجزيرة الوثائقية مؤخرا برنامجا اسمه “بوتين انبعاث روسيا من جديد”، كان عنوان الجزء اﻷول منه “معركة المال”، وخلاصة البرنامج أن سياسة روسيا في عهد بوتين تجاه الرأسمالية تغيرت باتجاه التشدد والتلاعب، وذلك بعد الإنفتاح الرأسمالي الكبير في عهد يلتسن، فمثلا في عام 2005،قامت الحكومةباعتقال صاحب أكبرشركةنفط في روسياومصادرةالشركةبحجةالتهرب من دفع الضرائب،ولكن السبب الحقيقي هورغبةالدولةفي سيطرتهاالكاملةعلى الثروات الطبيعية.
واﻷهم من ذلك أنه في فترة اﻷزمة المالية العالمية اﻷخيرة استغلت الدولة أجواء اﻷزمة، وتركت الشركات الخاصة التي لا تعمل للمصلحة الوطنية بدون مساعدة لتخسر وتفلس، وقدمت مساعداتها المالية الهائلة فقط للشركات التي أثبتت أن عملها هو لمصلحة الدولة الوطنية أولا، ولكن بشروط قاسية أهمها تعيين موظفين حكوميين في هيئة أعضاء إدارات الشركات ولهم حق التدخل بسياسات الشركات وقراراتها.
فهل هذا يعني أنه بداية العودة للتأميم ولو بشكل جزئي في البداية؟؟ّّّ!!، إلى أين سيصل هذا التلاعب بالرأسمالية أو السوق الحر، وهل تخفي السلطات نوايا أخرى؟؟!! هل هي مثلا خطوة نحو العودة للإشتراكية بطريقة هادئة بعيدة عن صخب الشعارات والمسميات والإصطلاحات الشيوعية القديمة المرفوضة جماهيريا؟؟!!، وهل كانت فترة الإنفتاح الرأسمالي السابق هي لجلب رؤوس الأموال والعملات الصعبة للدولة لكي تستعيد عافيتها الإقتصادية، ثم تعود لعهدها الشيوعي السابق بشكل جديد مختلف وبطريقة تدريجية مدروسة تمنع انهيار الإقتصاد كما حصل في أواخر عهد الإتحاد السوفييتي؟؟.
تساؤلات مشروعة خاصة إذا علمنا أن التعاليم الشيوعية القديمة الأصلية مرنة ولا تمانع في استعمال الرأسمالية كمرحلة في بناء الإشتراكية والشيوعية، وإذا علمنا أيضا أن معظم قيادات وأعضاء الحزب الذي حكم روسيا بعد الحزب الشيوعي هم كانوا أصلا أعضاء في الحزب الشيوعي، فهل كان تركهم للحزب الشيوعي واجتماعهم في حزب آخر ليبرالي هو مجرد تكتيك طويل المدى بحيث يبدو كأن الشيوعية انتهت ويتوقف الجميع عن الخوف منها والتحذير من خطرها؟؟، وهكذا يخلو الجو لها لتعمل في السر ومن وراء ستار لكي تعود ونحن لا نشعر بها أو نفعل شيئا لمواجهة خطرها، وبهذا لن ندرك عودة خطرها إلا بعد فوات اﻷوان؟؟!!
سيناريو لا يمكن تجاهله أو استبعاده، وخاصة أن الصين أيضا تستفيد من الرأسمالية والمصانع الأجنبية في تقوية اقتصاد الدولة أكثر من التركيز على تقوية اقتصاد الشركات والقطاع الخاص، وهي تصبح الآن من أقوى الإقتصادات العالمية، مع محافظتها على نظام الحزب الشيوعي الحاكم الوحيد ورفض كل أشكال الديمقراطية وحرية الرأي والإنفتاح الثقافي إلا بما يحدده ويقرره الحزب.